كتبت : عزة بشيرناجي
كم تعالت اصوات تشجب الرقابة الفنية على المصنفات وتصفها بانها خانقة للإبداع وان حرية الابداع مضطهدة ولابد من منح بعض الحرية والمساحة او الفضاءات للمبدعين لانها تعكس الحرية التي يتمتع بها البلد او بمعنى آخر انها وجه من وجوه الديمقراطية وحرية التعبير ، وشعارات وهتافات وادعاءات ظاهرها يقول ان الفن مُعتقل من قبل الاجهزة الرقابية ولابد من إطلاق سراحه . الحقيقة هي اننا اذا اغمضنا او اوصدنا نوافذ بصيرتنا فإننا سنصبح اشد ضلالا من الأنعام ، ماذا؟! ما الذي تقولينه ؟ وماذا تعنين ؟
على رسلكم وافتحوا نوافذ بصيرتكم وتدبروا ما سأقوله لكم بدأً قبل ان اوضح لكم وجهة نظري لابد ان نبحث وراء كل مفردة ومصطلح ينتشر او يتم تداوله بين مدعي الثقافة او كما اطلق عليهم غالبا (المتثقافين او اشباه المثقفين) او المتحذلقين باسم الثقافة وحرية الرأي والابداع كي لا ننجرف كأغصان ضائعة من شجرة اهلكتها النوازع و صروف الزمان ، لابد لنا ان نفهم اولا معنى الحرية ومعنى الابداع وما المقصود بحرية الابداع وماهي معايير حرية الابداع ومتى نقول حرية ابداع ونطالب بها . دعونا اولا نبدأ بمفهوم الحرية:
ماذا تعني الحرية؟الحرية في اللغة: مصدر حر يحر
الخلوص من الشوائب أو الرق أو اللوم
القدرة على التصرف بملء الإرادة والخيار
الحرية نقيض العبودية والحُر بضم حرف الحاء هو نقيض العبد والحرة نقيضة الأَمة وجمعها حرائر .
مفردة الحرية تأتي بمعنى الشرف والفضل.
فيقال:الحر من الناس أي خيارهم وأفضلهم.
تأتي بمعنى الخالص النقي
فتقول: طين حر اي لا رمل فيه
وتأتي بمعنى الحُسن والجمال والكرم
فتقول: ما هذا منك ب ((حر)) أي حسنٌ وجميل.
والحُر الفعل الحسن
والحرة (( الكريمة )) يقال : ناقة حرة
وسحابة حرة أي كثيرة المطرة
وتأتي بمعنى الضبط والتدقيق منه:
تحرير الكتابة: إقامة حروفها وإصلاح السقط
*الحرية اصطلاحا: هي قدرة الفرد على عمل كل ما لا يضر بالغير
اي ان يكون للفرد الحق أن يقول ويعمل ما يشاء مما لا ينافي العدل والقانون ولا يضر بالغير.
وللحرية في كل فلسفة مفهوم ولها في الفكر الإسلامي أرقى مفهوم وأعمق مضمون .
فالحرية بمعناها الشامل القائم على عمل حماية حريات الآخرين في مفهوم الشريعة الاسلامية هي القدرة على عمل كل شيء دون إضرار بالغير والحرية حريات ، حرية ضد الرق ، فلا يكون الانسان مسترقا او مملوكا لغيرة ولا تكون الامة محتلة او مستعبدة بل تملك حريتها ، وحرية في حق الدفاع عن النفس أمام القضاء ، وحرية الرأي هي التفكير والحكم على الاشياء.
يرى البعض ان معنى الحرية هو عدم استغلال الانسان للإنسان هو جانب من مفهوم الحرية في الاسلام، ولكنها ليست الحرية كلها ، وما اطلقه البعض من أن الحرية تكون بغير حدود لا يقبله الفكر الاسلامي لان ذلك دعوة لتحطيم قيم المجتمع التي تحميها الحرية .
ويعرفها فقهاء الفقه الدستوري هي :
قدرة الفرد على ممارسة أي عمل لا يضر بالآخرين.
الحرية لها حدود بقدر ما يحفظ القيم الدينية ويحفظ حقوق الآخرين وإلا ادت الى الفوضى .
فما هو الابداع
هو الاتيان بجديد أو إعادة تقديم القديم بصورة جديدة أو غريبة.. او القدرة على تكوين وإنشاء شيء جديد او دمج الآراء القديمة او الجديدة في صورة جديدة .
وقد حاول علماء النفس والفلسفة وضع تعريفات للإبداع و اكتشاف طريقة عمل العقل البشري ﻹخراج الأفكار الإبداعية وذلك لتحديد مفهوم عام وشامل للعملية الإبداعية .
وفقا للعالم برونر :
الإبداع هو العمل او الفعل الذي يؤدي الى الدهشة والاعجاب.
ويعرف بانه: مبادرة يبديها الفرد تتمثل في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد من التفكير .
*الابداع ببساطة هو القدرة على خلق شيء جديد*
فالتفكير الابداعي هو ملكة لدى الفرد تمكنه من رؤية الاشياء بطريقة مختلفة ومميزة ، يطلق عليها في العصر الحديث ((التفكير خارج الصندوق ))
الاشخاص المبدعون : يمتلكون القدرة على ابتداع وابتكار طرق جديدة ومختلفة لتنفيذ مهام او للخروج بحلول لمشكلة ما، فهم يمتلكون رؤية ذات منظور جديد غير تقليدي غالبا .معنى ذلك ان من يمتلك قدرات ابداعية فهو شخص حباه الله بمزيد من المحبة واغدق عليه مزيدا من كرمه فمنحه بصيرة من نوع آخر تجعله يرى الاشياء والامور من زوايا اكثر عمقا واتساعا من الآخرين والابداع لا يقتصر على الفنون بل هو ابعد من ذلك هناك شخصيات مبدعة في مجالات مختلفة كالطب والعلوم الادارية والتكنولوجية تلك الاخيرة التي تعتمد على الحس الابداعي لكي تحقق تطورا و تحدث طفرة تأخذ البشرية لبوابة المستقبل .
اما في مجال الفنون سواء التشكيلية او مجال الدراما سواء التلفزيون والاذاعة و السينما و المسرح ، فان الامر ليس بالبساطة التي يظنها البعض.
فالعمل الابداعي اذا خرج عن القواعد الاساسية لتنفيذه فنيا فلا يعني ذلك ان يخرج عن القيم التي تحكم المجتمع الذي ينتج فيه ذلك العمل ، ولأكون اكثر دقة فيما اقول فانا اخص الانتاج الدرامي في هذا الامر المسلسلات والأفلام والمسرحيات .
العمل الفني الدرامي ليس مجرد ترفيها انما هو ثقافة وفكر تصدر للمتلقي بداية من الصورة والمؤثرات البصرية والصوتية والكلمة المنطوقة التي تنفذ كالإبر الصينية الى عقل المتلقي وتترسخ فيه مع اختلاف وتنوع الجمهور والاخذ بالنظر الفروق الفردية بين افراد الجمهور .
الا ان البعض يتعمد استخدام إبرا مسمومة او ملوثة بافكار تسمم وتدمر الذائقة العامة فبدلا من ان تستخدم التقنيات لانتاج اعمال فنية ذات مستوى راقي يرتقي بالثقافة العامة ياخذه الى منطقة يهبط فيها منحنى التحضر الى ما يشبه حضيرة ماشية كل ما فيها من اصوات نكرة وسلوكيا عشوائية مظاهر رثة تُحدث تلوثا للحواس بصريا وسمعيا فلاعجب مما نراه من عبث في تحت مسمى حرية ابداع لان مفهوم الحرية اصيب بتشوه وهذا التشوه لحق بمفهوم .الابداع .فاصبح الشذوذ عن القيم والذوق يطلق عليه حرية ابداع
لا أدري هل أوعز ذلك لفكرة المؤامرة اما نها مرحلة بائسة لا بد منها ام انه وباء اصاب الفن ؟
التساؤل الذي يجب ان نطرحه هو:
كيف يكون في الابداع شذوذا اذا كان الابداع متصل بالخالق ؟
وكيف الإبداع متصل بالخالق ؟
ينسى الكثيرون ان لله اسما هو (المبدع) من التسعة وتسعون إسما التي تعلمناها منذ الصغر
اما الإسم الأعظم فلا يعلمه الا من علمه الله له من عباده الصالحين وهو ليس موضوعنا .
فكيف الابداع يكون في ابتذال وشذوذ اي عقل مدرك سيرفض هذه الفكرة ، ان فعلا مرتبط بصفة إلهيه ينحدر بالمجتمع الى ما تحت القاع ، لا أطلب منكم سوى ما أمرنا به الله في كتبه السماوية تتتفكرون ، تتدبرون ، تفقهون فيما يطلق من عبارات ومصطلحات وشعارات وان لا تنساقوا كقطيع الى المهالك وصور التحضر و التطور المزيف بل الملوث المسموم ليمرروا افكار وتوجهات تجعلكم اكثر ضلالا فينزل الله غضبه ونحن نرجوه ليل نهار ان يرفع غضبه ومقته عنا الإفساد في الارض ليس محسورا على القتل والسرقة هناك افعال قامت بها بعض الأقوام فأنزل الله بهم سخطه ، تذكر إن انجرافك نحو مسميات و افكار خزعبلية ينعكس على حياتك وأسرتك بالتالي ينعكس على مجتمعك ..لأن الاسرة نواة المجتمع .