recent
أخبار ساخنة

الشيخه " أم السعد " الإسكندرانيه توهب حياتها للقرآن الكريم .. وتمنح إجازات القراءات العشر لأشهر مشايخ العالم الإسلامى



بقلم : زكى عرفه

مما لا شك فيه أن للقرآن الكريم تأثير روحانى عظيم فى نفوس كل من يسمعه ، فهو كلام يعلوا ولا يعلى عليه ، ولا يساويه أى كلام .. فهو كلام الله عز وجل ، وكل منا يحب أن يسمعه من شيخ معين حيث يضيف له راحة داخليه يشعر بها هو وحده .. و قد وهبنا المولى عز وجل بالكثير من مشايخ وقراء يملكون الصوت الجميل الذى ينطق بكلام الله وقرآنه العظيم ، ولكن .. هل يوماً سأل أحد منا نفسه على يد من تتلمذ وتعلم هذا الشيخ ؟ .. هل عرفنا يوماً من الذى أجاز له القراءات العشر التى تعلمها وحفظها ؟ .
عزيزى القارىء كنت أتجول فى بعض الجروبات التى يعمرها كبار المشايخ المحترمين وجذب إنتباهى شيخ جليل من قريه " الطرح " يدعى الشيخ على حامد ، وقد قام بنشر قصه لإمرأه فاضله وهبت عمرها وحياتها لتحفيظ القرآن حتى صعدت روحها للرفيق الأعلى ، وتواصلت مع الشيخ وعرفت منه التفاصيل الكامله لحياة الشيخه الجليله لكى يعرفها أبناء هذا الجيل ، ولكى تدون وتحفظ لأجيال قادمه فهى تستحق منا كل التقدير حيث تتلمذ على يديها كبار المشايخ والمقرأين من شتى أنحاء العالم العربى ، فهى الشيخة " أم السعد محمد على نجم " ، و التى حرمها الله من نعمة البصر وأنعم عليها بنعمة القرأن .
و الشيخة أم السعد الأسكندرانيه تعد أشهر امرأة معاصرة في عالم قراءات القرآن الكريم ، فهي السيدة الوحيده التي تخصصت في القراءات العشر وظلت طوال نصف قرن تمنح إجازاتها في القراءات العشر لجموع طلاب العلم من شتى أنحاء العالم .
لقد ولدت " أم السعد" في عام 1925 في قرية البندارية مركز تلا " بمحافظة المنوفيه " ، وفقدت بصرها ولم تتجاوز العام الأول من عمرها.
وكعادة أهل الريف مع العميان نذرها أهلها لخدمة القرآن الكريم حتى حفظت القرآن الكريم في مدرسة " حسن صبح " بالإسكندرية حيث عاشت بحارة " الشمرلي " بحي بحري العريق بالإسكندريه .
و أتمت " أم السعد" حفظ القرآن الكريم وهي في الخامسة عشرة من عمرها ، وحينها ذهبت إلى الشيخة " نفيسة بنت أبو العلا "  "شيخة أهل زمانها" كما توصف ، لتطلب منها تعلم القراءات العشر .
 و إشترطت عليها ألا تتزوج أبدًا نظير تعليمها .. فقد كانت الشيخة نفيسة ترفض بشدة تعليم البنات ، وذلك لأنهن يتزوجن وينشغلن فيهملن القرآن الكريم . 
وقد قبلت مؤقتاً الشيخه أم السعد شرط شيختها التي كانت معروفة بصرامتها وقسوتها على السيدات ككل اللواتي لا يصلحن في رأيها لهذه المهمة الشريفه .
و مما شجعها قبول الشرط أن " الشيخة نفيسه " نفسها لم تتزوج رغم كثرة من طلبوها للزواج من الأكابر، وماتت في الثمانين من عمرها، ولم تتزوج انقطاعًاً للقرآن الكريم !.
و قد تزوجت أم السعد أقرب تلاميذها إليها الشيخ " محمد فريد نعمان " الذي كان من أشهر القراء في إذاعة الإسكندرية وهو صاحب أول إجازة تمنحها الشيخة أم السعد .
وتقول الشيخه عن قصة زواجها كما رواها الشيخ الجليل " على حامد "  :  لم أستطع الوفاء بالوعد الذي قطعتُه لشيختي نفيسة بعدم الزواج٬ كان يقرأ عليَّ القرآن بالقراءات ، و إرتحت له .. فكان مثلي ضريرًا .. وحفظ القرآن الكريم في سنّ مبكرة ، درَّست له خمس سنوات كامله ، وحين أكمل القراءات العشر وأخذ إجازاتها طلب يدي للزواج ..  فقبلت .
واستمر زواجهما أربعين سنة كاملة لم تنجب فيها أولادًا وتعلّق قائلة : الحمد لله أشعر بأن الله عز وجل يختار لي الخير دائمًا ، ربما لو أنجبت لانشغلت بالأولاد عن القرآن ، وربما نسيته .
و قد تردد عليها لحفظ القرآن ونيل إجازات القراءات صنوف شتى من جميع الأعمار، والتخصصات ، والمستويات الاجتماعية والعلمية ، وكانت تخصص لكل طالب وقتًا ، لا يتجاوز ساعة في اليوم يقرأ عليها الطالب ما يحفظه فتصحح له قراءته حتى يختم القرآن الكريم بإحدى القراءات ، وكلما انتهى من قراءة منحته إجازة مكتوبة ومختومة بخاتمها تؤكد فيها أن هذا الطالب " خادم القرآن " قرأ عليها القرآن كاملًا صحيحًا دقيقًا، وفق القراءة التي تمنحه إجازتها .
و كانت الشيخة أم السعد السيدة الوحيدة في وقتها التي يسافر إليها القراء وحفظة القرآن؛ من أجل الحصول على " إجازة " في القراءات العشر .
وكان أكثر ما يسعدها أن مئات الإجازات التي منحتها في القراءات العشر يبدأ سند تسلسل الحفاظ باسمها ، ثم اسم شيختها نفيسة ليمتد فيها الحفاظ وعلماء القراءات إلى أن ينتهي بالرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد كان بينها وبين النبي محمد صلى الله عليه وسلم  بروايه حفص عن عاصم 27 راوياً مما يعد سندها من أعلي الأسانيد وقتها .
ومن أشهر طلابها :  الشيخ مشارك راشد العفاسي ، الشيخ عادل الكلباني قارئ الحرم المكي سابقاً ، والقارئ الطبيب أحمد نعينع الذي قرأ عليها وأخذ عنها ، وكذلك فضيلة الشيخ  مفتاح السلطني والذي اجازته الشيخة في القراآت العشر وحفص من الطيبة وهو ليبي وأول من سجل ختمات كاملة لكل رواية من القراءات العشر .  
وتقول عن تلاميذها : أتذكر كل واحد منهم ، هناك من أعطيته إجازة بقراءة واحدة ، وهناك وهم قليلون من أخذوا إجازات بالقراءات العشر مختومة بختمي الخاص الذي أحتفظ به معي دائمًا ، ولا أسلمه لأحد مهما كانت ثقتي فيه .
و قد أهدي إليها أحد طلابها هدية عبارة عن رحلة حج وعمرة واستضافة سنة كاملة في الأراضي الحجازيه ، وهناك منحت إجازات في القراءات المختلفة لعشرات الحفاظ من البلاد الإسلاميه ، وأحب إجازة منحتها لطالبة سعودية لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها .
وسافرت إلي الكويت ثم البحرين  في رحلة استغرقت أكثر من سنتين ونصف السنة معلمة للقرأن ، عادت بعدها إلى الاسكندرية إثر آلام اشتدت بها ، وذلك قبل وفاتها بقليل .
و بعد حياة حافلة بالإقراء ومدارسة القرآن الكريم وخدمته ، توفيت أم السعد في فجر يوم 9  إكتوبر عام 2006 عن عمر يناهز واحد وثمانون عامًا وقد شيعت جنازتها من مسجد ابن خلدون بمنطقة بحري بالإسكندرية في جنازة مهيبة تعلن أن لأهل القرأن مكانة بين الناس .
و "الشيخة أم السعد" مَن حَفِظ على يديها فهو من أهل القرآن المميزين لتميزها واعتبار سندها من أعلي الأسانيد فى حفظ وتلاوة القرآن الكريم فى الفترة من الخمسينات وحتى عام 2006  فالشيخة أم السعد حفظت القرآن بالتواتر نقلا، في سلسلة تبدأ بمعلمتها نفيسه، وصولاً للروح الأمين جبريل، الذي تلقى الرسول الكريم القرآن عنه . 
وتوفاها الله وقد تركت عِلْماً وشيوخا أجلاء نشرت العلم والإسلام وكرست حياتها لهذا العمل الجليل باعتباره له فضل كبير فى الدنيا ، رحم الله الشيخة أم السعد وأجزل لها المثوبة يوم القيامه . 


google-playkhamsatmostaqltradent