recent
أخبار ساخنة

الحلال والحرام في ميزان الإسلام

الصفحة الرئيسية
بقلم  : دكتور إسلام القزاز

الحمد لله رب العالمين ، حمدا يليق بجلاله وجماله وكماله ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم . وبعد ،،،

إن أحكام الحلال والحرام ، حدود الله تعالى ، يختبر فيها عبودية العباد ، ويشرع لهم بها ما يصون كرامتهم الإنسانية ويحقق لهم الحياة الطيبة التي تليق بهذه الكرامة . فمن دان لله فيها بالرضا والاستجابة والتسليم ، فهو على صراط مستقيم ، وعلى حقيقة الإيمان وطريق الفوز والفلاح : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور :51- 52 ). ومن تمرد فيها على شرع الله فقد تعدى حدوده، واستوجب وعيده، وكان من الظالمين : (.. تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة : 229 ) لكن ، ومع الأسف الشديد ، انشغل كثير من المسلمين بهموم الدنيا على حساب الدين ،فضعف التفقه أو ضاع ، وضاع معه وازع التعظيم لحرمات الله وحدوده في الحلال والحرام ، حتى أصبحوا يعيشون على تناقضات غريبة :

فمنهم الذين لا يحملون من الإسلام إلا الاسم ؛ لأنهم لايعرفون لله حقاً ولا توقيرا ، ولا لدينه اعتبارا . فلا يعنيهم بعد ذلك حلال ولا حرام؛ لأنهم عابدون لأهوائهم : (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (القصص : 50 ).
ومنهم من ينتقي من الدين ويختار بحسب ذوقه أو تصوره ، ويدع ما لا تهوى نفسه ، فيحل ما يشاء ويحرم ما يشاء ، مبرراً أعماله بمختلف الذرائع والأعذار بغير علم ولا بينة من الدين ، ولا يعلمون أن لا خيار لهم بعد حكم الله ورسوله : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) (الأحزاب : 36 ).
ومنهم المؤمنون الصادقون الملتزمون ، الذين يقدرون دين الله تعالى ، ويسلمون فيه الحكم لله ، ويلزمون حدوده في الحلال والحرام : (..وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة : 285 ).

لقد أضحى مجتمع المسلمين كحقل الألغام ، لا يأمن المسلم فيه غوائل الفتنة والغواية ، إلا بالتفقه في دينه والاعتصام بحبل الله المتين. فما أكثر المناكير .. ،وما أكثر الوسائل المغرية بالحرام في الصحف والمجلات والقنوات وغيرها .. حصار شديد أكيد ،أصبح فيه المتمسك بدينه كالقابض على الجمر .
لكن طوبى لمن استقام على التقوى وعلم وعمل على بصيرة من دينه ، يحل الحلال ، ويحرم الحرام ، ويستعين بالله على ذكره وشكره وحسن عبادته ، فله نعم البشارة : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (فصلت : 30 - 31).
فاللهم اجعلنا وقافين عند حدودك ، راجين لعفوك ، متمسكين بكتابك وسنة رسولك ..وصل اللهم وسلم على خير خلقك محمد وآله وصحبه أجمعين .
google-playkhamsatmostaqltradent